ما الذي نستطيع فعله للمساعدة في إبطاء ظاهرة التغيّر المناخي

من المتوقع أن يتسبب التغيّر المناخي في تحولات كبيرة وخطيرة لكوكبنا: فمستويات مياه البحار سترتفع وسيتقلص إنتاج المواد الغذائية وستواجه الكثير من الكائنات خطر الإنقراض.

وحثّت الأمم المتحدة جميع الدول على تحديد ارتفاع درجة حرارة الأرض بـ 1,5 درجة مئوية أعلى من درجات الحرارة التي كانت سائدة قبل بدء العصر الصناعي. ولكن علماء يقولون إن الالتزام بهدف 1,5 درجة سيستدعي إجراء "تغييرات سريعة وجذرية وغير مسبوقة" تطال كل جوانب المجتمع البشري.

ولكن إلى أي مدى ارتفعت حرارة الأرض، وما الذي يمكننا فعله للتصدي لهذا الارتفاع؟

1. العالم يزداد حرارة

تقول منظمة الرصد الجوي العالمية ( WMO) إن العالم الآن أكثر سخونة بدرجة مئوية واحدة تقريبا عما كان عليه قبل انتشار النشاط الصناعي بكثافة.

فمعدل درجة الحرارة على مستوى العالم في الأشهر العشرة الأولى من 2018 كان أعلى بـ 0,98 درجة مئوية مما كان عليه في الفترة من 1850 إلى 1900 حسب ما بينت خمس قواعد بيانات مختلفة.

وكانت السنوات الـ 20 الأكثر سخونة محصورة في السنوات الـ 22 الأخيرة، بينما كانت السنوات الأربع الأكثر سخونة على الإطلاق هي سنوات 2015 و2016 و2017 و2018، حسب تقول منظمة الرصد الجوي العالمية.

وإذا استمر هذا النهج، قد ترتفع درجات الحرارة بـ 3 إلى 5 درجات مئوية بحلول عام 2100

قد لا يبدو للوهلة الأولى أن ارتفاعا لا يتجاوز درجة مئوية واحدة هو أمر كبير، ولكن، وحسب ما تقول الهيئة الحكومية لتغير المناخ، إذا تقاعست الحكومات عن اتخاذ الاجراءات الضرورية، فسيواجه العالم تغيرات كارثية، حيث سترتفع مستويات مياه البحار وستواجه قدرتنا على انتاج محاصيل كالأرز والحنطة والشعير مخاطر جديّة.

سجل في صيف عام 2019 أربعمئة رقم قياسي تقريبا لدرجات حرارة مرتفعة في نصف الكرة الأرضية الشمالي.

فقد سجلت درجات حرارة قياسية في 29 بلد في الفترة المحصورة بين الأول من أيار / مايو والثلاثين من آب / أغسطس. وسجل ثلث هذه الأرقام القياسية في ألمانيا تلتها فرنسا ثم هولندا.

وسُجِّلَت هذه الأرقام القياسية الأوروبية وسط موجات حر شهدتها القارة الأوروبية ارتفعت فيها درجات الحرارة بشكل ملفت في شهري حزيران / يونيو وتموز / يوليو.

ففي الفترة المبينة في الخارطة أدناه، والتي تمثل درجات الحرارة في الفترة بين أيار / مايو وآب / أغسطس 2019، تبيّن النقاط الصفراء الأماكن التي سجلت فيها درجات حرارة قياسية في تاريخ معين، أما النقاط الوردية فتمثل الأماكن التي شهدت أعلى درجة حرارة فيها على الاطلاق في الشهر المذكور، بينما تمثل النقاط الحمراء الأماكن التي شهدت أعلى درجات حرارة منذ بدء تسجيل معلومات الأنواء الجوية.

وتبين الأرقام التي جمعتها منظمة ( Berkeley Earth) غير الربحية أن أكثر من 30 رقما قياسيا حطّم في الولايات المتحدة في تلك السنة، أما في اليابان، التي مات فيها 11 شخصا جراء موجة الحر التي شهدتها البلاد في نفس الفترة، فقد سجّلت 10 أرقام قياسية جديدة لدرجات الحرارة المرتفعة.

حتى إذا نفذت كل الوعود والتعهدات حول خفض الانبعاثات التي قطعتها على نفسها الدول الموقعة على اتفاقية باريس المناخية، ستزداد مع ذلك درجات الحرارة عالميا بمعدل 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.

فلعدة عقود مضت، كان الباحثون يصرون على ضرورة إبقاء وتيرة ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحت معدل 2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي لتجنب أسوأ عواقب الاحتباس الحراري.

وتعهدت الدول الموقعة على اتفاق باريس بإبقاء درجات الحرارة "أقل من درجتين مئويتين بكثير أعلى من الدرجات التي كانت سائدة قبل فورة التصنيع وببذل الجهود الحثيثة لتحديد ارتفاع درجات الحرارة بـ 1,5 درجة مئوية".

ولكن العلماء متفقون اليوم على أنه من الضروري تحديد ارتفاع درجات الحرارة بـ 1,5 درجة مئوية.

4. أكثر دولتين انتاجا للانبعاثات هما الصين والولايات المتحدة

الدولتان المسؤولتان إلى حد بعيد عن انتاج أكبر كميات من الانبعاثات الكربونية هما الصين والولايات المتحدة، إذ انهما مسؤولتان عن أكثر من 40 في المئة من المجموع العالمي، حسب ما جاء في الأرقام الخاصة بعام 2017 والصادرة عن مركز الأبحاث المشترك للإتحاد الأوروبي ووكالة تقييم البيئة الهولندية.

تبدّلت السياسات البيئية في الولايات المتحدة بعد مجيء إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، وهي إدارة تتبع برنامجا مؤيدا لاستخدام الوقود الأحفوري من نفط وفحم وغاز.

وشرع الرئيس ترامب بالفعل بعملية سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ.

ويحاجج ترامب بأن ذلك الاتفاق الذي أبرم في عام 2015 يضر بمصالح الشركات الأمريكية والعمال الأمريكان.

5. المناطق الحضرية مهددة بشكل خاص

جاء في تقرير أصدرته مؤسسة فيريسك مايبلكروفت لتحليل المخاطر أن كل المدن تقريبا (95 في المئة منها) التي تواجه مخاطر كبيرة جراء التغيّر المناخي تقع في القارتين الإفريقية والآسيوية.

أما أكثر هذه المدن تعرضا للخطر فهي المدن التي تشهد نموا سريعا، بما فيها مدن كبرى مثل لاغوس في نيجيريا وكينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتواجه 84 من المدن المئة الأسرع نموا مخاطر "بليغة" نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الجوية العنيفة المتأتية عن تغيّر المناخ.

Comments